Saturday, December 31, 2011

إنجيل القدّيس يوحنّا .18-1:1

في البَدْءِ كَانَ الكَلِمَة، والكَلِمَةُ كَانَ مَعَ الله، وكَانَ الكَلِمَةُ الله.
كانَ الكَلِمَةُ هذَا في البَدْءِ معَ الله.
كُلُّ شَيءٍ بِهِ كُوِّن، وبِغَيْرِهِ مَا كُوِّنَ أَيُّ شَيء.
كُلُّ مَا كُوِّنَ بِهِ كَانَ حَيَاة، والحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاس،
والنُّورُ في الظُّلْمَةِ يَسْطَع، والظُّلْمَةُ لَمْ تَقْوَ عَلَيْه.
كَانَ إِنْسَانٌ مُرْسَلٌ مِنْ عِنْدِ الله، إِسْمُهُ يُوحَنَّا.
جَاءَ يُوحَنَّا هذَا لِلشَّهَادَة، لِيَشْهَدَ لِلنُّور، فَيُؤْمِنَ الجَمِيعُ عَلى يَدِهِ.
مَا كَانَ هُوَ النُّور، بَلْ جَاءَ يَشْهَدُ لِلنُّور،
لأَنَّ النُّورَ الحَقيقيّ، الَّذي يُنيرُ كُلَّ إِنْسان، كانَ آتِيًا إِلى العَالَم.
في العَالَمِ كَانَ الكَلِمَة، والعَالَمُ بِهِ كُوِّن، والعَالَمُ مَا عَرَفَهُ.
إِلى بَيْتِهِ جَاء، وأَهْلُ بَيْتِهِ مَا قبِلُوه.
أَمَّا كُلُّ الَّذينَ قَبِلُوه، وَهُمُ المُؤمِنُونَ بِٱسْمِهِ، فَقَدْ أَعْطَاهُم سُلْطَانًا أَنْ يَصيرُوا أَولادَ الله،
هُمُ الَّذين، لا مِنْ دَمٍ، ولا مِنْ رَغْبَةِ جَسَد، ولا مِنْ مَشيئةِ رَجُل، بَلْ مِنَ اللهِ وُلِدُوا.
والكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وسَكَنَ بَيْنَنَا، ورَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدَ ٱبْنٍ وَحيد، آتٍ مِنَ الآب، مَلآنَ نِعْمَةً وحَقًا.
لَهُ يَشْهَدُ يُوحَنَّا، وقَدْ هَتَفَ قَائِلاً: «هذَا هُوَ الَّذي قُلْتُ فِيه: إِنَّ الآتي ورَائِي قَدْ صَارَ قُدَّامي، لأَنَّهُ كَانَ قَبْلي».
أَجَل، مِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ كُلُّنَا أَخَذْنَا نِعْمَةً تِلْوَ نِعْمَة.
عَلى يَدِ مُوسَى أُعْطِيَتِ التَّوْرَاة، وعَلى يَدِ يَسُوعَ المَسِيحِ صَارَتِ النِّعْمَةُ والحَقّ.
أَللهُ مَا رَآهُ أَحَدٌ البَتَّة: أَلٱبْنُ الوَحِيدُ الله، الكَائِنُ في حِضْنِ الآب، هُوَ الَّذي أَخْبَرَ عَنْهُ.

Friday, December 30, 2011

إنجيل القدّيس متّى .23-19:2

مَا إِنْ مَاتَ هِيرُودُسُ حَتَّى تَرَاءَى مَلاكُ الرَّبِّ في الحُلْمِ لِيُوسُف، وهُوَ في مِصْر،
وقَالَ لَهُ: «قُمْ، خُذِ ٱلصَّبِيَّ وأُمَّهُ، وٱذْهَبْ إِلى أَرْضِ إِسْرَائِيل، فَقَدْ مَاتَ مَنْ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيّ».
فقَامَ يُوسُف، وأَخَذَ الصَّبِيَّ وأُمَّهُ، وجَاءَ إِلى أَرْضِ إِسْرَائِيل.
ولكِنْ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَرخِيلاوُسَ يَمْلِكُ عَلى اليَهُودِيَّةِ خَلَفًا لأَبِيهِ هِيرُودُس، خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلى هُنَاك. وأُوحِيَ إِليْهِ في الحُلْمِ فَلَجَأَ إِلى نَواحِي الجَلِيل.
ومَضَى فَسَكَنَ مَدِينَةً تُدْعَى النَّاصِرَة، لِيَتِمَّ مَا قِيلَ بِالأَنْبِيَاء: «إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيًّا».

Thursday, December 29, 2011

إنجيل القدّيس متّى .18-13:2

بَعْدَمَا ٱنْصَرَفَ المَجُوس، تَرَاءَى مَلاكُ الرَّبِّ في الحُلْمِ لِيُوسُف، وقَالَ لَهُ: «قُمْ، خُذِ ٱلصَّبِيَّ وأُمَّهُ، وَٱهْرُبْ إِلى مِصْر، وٱبْقَ هُنَاكَ إِلى أَنْ أَقُولَ لَكَ، لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَبْحَثَ عَنِ الصَّبِيِّ لِيُهْلِكَهُ».
فقَامَ يُوسُفُ وأَخَذَ ٱلصَّبِيَّ وأُمَّهُ لَيْلاً، ولَجَأَ إِلى مِصْر.
وبَقِيَ هُنَاكَ حَتَّى مَاتَ هِيرُودُس، لِيَتِمَّ مَا قَالَهُ الرَّبُّ بِالنَّبِيّ: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ٱبْنِي».
ولَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ المَجُوسَ سَخِرُوا مِنْهُ غَضِبَ جِدًّا. وأَرْسَلَ فَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ في بَيْتَ لَحْمَ وضَواحِيها، مِنِ ٱبْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُون، بِحَسَبِ الزَّمَنِ الَّذي تَحَقَّقَهُ مِنَ المَجُوس.
حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ إِرْمِيَا:
صَوْتٌ سُمِعَ في الرَّامَة، بُكَاءٌ وَنَحِيبٌ كَثِير. رَاحِيلُ تَبْكِي أَوْلادَهَا، وقَدْ أَبَتْ أَنْ تَتَعَزَّى، لأَنَّهُم زَالُوا مِنَ الوُجُود.

Wednesday, December 28, 2011

إنجيل القدّيس متّى .12-1:2

لَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ في بَيْتَ لَحْمِ اليَهُودِيَّة، في أَيَّامِ المَلِكِ هِيرُودُس، جَاءَ مَجُوسٌ مِنَ المَشْرِقِ إِلى أُورَشَلِيم،
وهُم يَقُولُون: «أَيْنَ هُوَ المَوْلُودُ مَلِكُ اليَهُود؟ فَقَدْ رَأَيْنَا نَجْمَهُ في المَشْرِق، فَجِئْنَا نَسْجُدُ لَهُ ».
ولَمَّا سَمِعَ المَلِكُ هِيرُودُسُ ٱضْطَرَبَ، وٱضْطَرَبَتْ مَعَهُ كُلُّ أُورَشَلِيم.
فَجَمَعَ كُلَّ الأَحْبَارِ وكَتَبَةِ الشَّعْب، وسَأَلَهُم: « أَيْنَ يُولَدُ المَسيح؟».
فَقَالُوا لَهُ: «في بَيْتَ لَحْمِ اليَهُودِيَّة، لأَنَّهُ هكَذَا كُتِبَ بِٱلنَّبِيّ:
وأَنْتِ يَا بَيْتَ لَحْمُ، أَرْضَ يَهُوذَا، لَسْتِ الصُّغْرَى بَيْنَ رُؤَسَاءِ يَهُوذَا، فَمِنْكِ يَخْرُجُ رَئِيسٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيل».
حِينَئِذٍ دَعَا هِيرُودُسُ المَجُوسَ سِرًّا، وتَحَقَّقَ مِنْهُم زَمَنَ ظُهُورِ النَّجْم.
ثُمَّ أَرْسَلَهُم إِلى بَيْتَ لَحْمَ وقَال: «إِذْهَبُوا وٱبْحَثُوا جَيِّدًا عَنِ الصَّبِيّ. فَإِذَا وَجَدْتُمُوه، أَخْبِرُونِي لأَذْهَبَ أَنَا أَيْضًا وأَسْجُدَ لَهُ».
ولَمَّا سَمِعُوا كَلامَ المَلِكِ ٱنْصَرَفُوا، وإِذَا النَّجْمُ الَّذي رَأَوْهُ في المَشْرِقِ عَادَ يَتَقَدَّمُهُم، حَتَّى بَلَغَ المَوْضِعَ الَّذي كَانَ فيهِ الصَّبِيّ، وتَوقَّفَ فَوْقَهُ.
فَلَمَّا رَأَوا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا.
ودَخَلُوا البَيْتَ فَرأَوا ٱلصَّبِيَّ مَعَ مَرْيَمَ أُمِّهِ، فَجَثَوا لَهُ سَاجِدِين. ثُمَّ فَتَحُوا كُنُوزَهُم وقَدَّمُوا لَهُ هَدَايَا، ذَهَبًا وبَخُورًا ومُرًّا.
وأُوْحِيَ إِلَيْهِم في الحُلْمِ أَلاَّ يَرْجِعُوا إِلى هِيرُودُس، فَعَادُوا إِلى بِلادِهِم عَنْ طَرِيقٍ آخَر.

Tuesday, December 27, 2011

إنجيل القدّيس متّى .2-1:24.39-29:23

قالَ الربُّ يَسوعُ: «أَلوَيلُ لَكُم، أَيُّهَا الكَتَبَةُ والفَرِّيسِيُّونَ المُراؤُون! لأَنَّكُم تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاء، وتُزَيِّنُونَ مَدَافِنَ الأَبْرَار،
وتَقُولُون: لَو كُنَّا في أَيَّامِ آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُم في دَمِ الأَنْبِيَاء.
فَأَنْتُم تَشْهَدُونَ على أَنْفُسِكُم أَنَّكُم أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاء.
فَٱمْلأُوا أَنْتُم أَيْضًا كَيلَ آبَائِكُم!
أَيُّهَا الحَيَّاتُ نَسْلُ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّم؟
لِذلِكَ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيكُم أَنْبِيَاءَ وحُكَمَاءَ وكَتَبَة، فَتَقْتُلُونَ بَعْضَهُم وتَصْلِبُون، وتَجْلِدُونَ بَعْضَهُم في مَجَامِعِكُم، وتُطَارِدُونَهُم مِنْ مَدينَةٍ إِلى مَدِيْنَة،
حَتَّى يَقَعَ عَلَيْكُم كُلُّ دَمٍ زَكِيٍّ سُفِكَ على الأَرْض، مِنْ دَمِ هَابِيلَ البَارِّ إِلى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَكِيَّا، الَّذي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ المَقْدِسِ والمَذْبَح.
أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: سَيَقَعُ كُلُّ ذلِكَ عَلى هذَا الجِيل!
أُورَشَليم، أُورَشَليم، يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاء، ورَاجِمَةَ المُرْسَلِيْنَ إِلَيْهَا! كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلادَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، ولَمْ تُريدُوا!
هُوَذَا بَيتُكُم يُتْرَكُ لَكُم خَرابًا!
فَإِنِّي لأَقُولُ لَكُم: لَنْ تَرَوْني مِنَ الآنَ إِلى أَنْ تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتي بِٱسْمِ الرَّبّ!».
وخَرَجَ يَسُوعُ مِنَ الهَيْكَلِ ومَضَى. فَدَنَا مِنهُ تَلامِيذُهُ يُلْفِتُونَ نَظَرَهُ إِلى أَبْنِيَةِ الهَيْكَل.
فَأَجَابَ وقَالَ لَهُم: «أَلا تَنْظُرونَ هذَا كُلَّهُ؟ أَلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: لَنْ يُتْرَكَ هُنَا حَجَرٌ عَلى حَجَرٍ إِلاَّ ويُنْقَض».

Monday, December 26, 2011

إنجيل القدّيس لوقا .55-46:1

قالَتْ مَرْيَم: «تُعَظِّمُ نَفسِيَ الرَّبّ،
وتَبْتَهِجُ رُوحِي بِٱللهِ مُخَلِّصِي،
لأَنَّهُ نَظرَ إِلى تَواضُعِ أَمَتِهِ. فَهَا مُنْذُ الآنَ تُطَوِّبُنِي جَمِيعُ الأَجْيَال،
لأَنَّ القَدِيرَ صَنَعَ بي عَظَائِم، وٱسْمُهُ قُدُّوس،
ورَحْمَتُهُ إِلى أَجْيَالٍ وأَجْيَالٍ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ.
صَنَعَ عِزًّا بِسَاعِدِهِ، وشَتَّتَ المُتَكبِّرينَ بأَفْكَارِ قُلُوبِهِم.
أَنْزَلَ المُقْتَدِرينَ عنِ العُرُوش، ورَفَعَ المُتَواضِعِين.
أَشْبَعَ الجِيَاعَ خَيْرَاتٍ، وصَرَفَ الأَغْنِياءَ فَارِغِين.
عَضَدَ إِسْرائِيلَ فَتَاهُ ذَاكِرًا رَحْمَتَهُ،
لإِبْراهِيمَ ونَسْلِهِ إِلى الأَبَد،كمَا كلَّمَ آبَاءَنا».

Sunday, December 25, 2011

ميلاد يسوع


1 وفي تلك الأيّام، صدرَ أمرٌ من أغُوسطس قيصَر بإحصاءِ كلِّ المعمورة.
2 جرى هذا الإحصاء الأوّل، عندما كان كيرينيوس واليًا على سوريّا.
3 وكان الجميع يذهبون، كلُّ واحدٍ إلى مدينته، ليكتَتبوا فيها.
4 وصعِدَ يوسف أيضًا من الجليل، من مدينةِ الناصرة، إلى اليهوديّة، إلى مدينة داود التي تُدعى بيت لحم، لأنّهُ كان بيت داود وعشيرته،
5  ليُكتَتب  مع مريم خطّيبته، وهي حامِل.
6 وفيما كان هناك، تمّت أيّامها لِتَلِد،
7 فولدتْ ابنها البكر، وقمّطته، وأضجعتهُ في مذود، لأنّه لم يكن لهما موضعٌ في قاعة الضّيوف.
زيارة الرُّعاة
8 وكان في تلك النّاحية رُعاةٌ يُقيمون في الحقول، ويسهرون في هجعات اللّيل على قُطعانهم.
9 فإذا بملاك الربّ قد وقفَ بهم، ومجدُ الربّ أشرقَ حولهم، فخافوا خوفًا عظيمًا.
10 فقال لهم الملاك: "لا تخافوا! فهَا أنا أبشرِّكم بفرحٍ عظيمٍ يكون للشّعبِ كلّهِ،
11 لأنّه وُلِدَ لكم اليوم مُخلِّص، هو المسيح الربّ، في مدينة داود.
12 هذه علامةٌ لكم: تجدون طفلاً مُقمَّطًا، مُضجعًا في مِذود!".
13 انضمَّ فجأةً إلى الملاك جمهورٌ من الجُندِ السّماويّ يسبّحون الله ويقولون:
14 ألمجد لله في العُلى، وعلى الأرض السّلام، والرّجاء الصّالح لبني البشر".
15 لمّا انصرف الملائكةُ عنهم إلى السّماء، قال الرُّعاة بعضهم لبعض: "هيّا بنا، إلى بيتَ لحم، لنرى هذا الأمر الذّي حدث، وقد أعلَمَنا به الربّ".
16 جاؤوا مُسرعين، فوجدوا مريم ويوسف، والطّفل مُضجعًا في المذود.
17 لمّا رأوه أخبروا بالكلام الذي قيلَ لهم في شأن هذا الصبيّ.
18 جميع الذّين سمعوا، تعجّبوا ممّا قالهُ لهم الرُّعاة.
19  أمّا مريم فكانت تحفظُ هذه الأمور كلّها، وتتأمّلها في قلبها.
20 ثم عاد الرُّعاة وهم يمجّدون الله ويسبّحونه على كلّ ما سمعوا ورأوا، حسبما قيلَ لهم.


لو 2: 1- 20




تأمّل :

أخوتي في هذا العيد المجيد، نحتفلُ معًا بعيدٍ ملؤُهُ الحبّ، عيدَ الخلاصِ الذي حقَّقَه وتمَّمَه لنا اللهُ الآبُ المحبّ. عيدُ ميلادِ الربِّ يسوع الذي يحملُ بذاتِه وبقلبِه سرَّ براءةِ الأزل، سرَّ حبِّه المترجم "ألله معنا".                
 إنّ عيدَ ميلادِ الربِّ يسوع، هو وعدُ اللهِ الأمين، الصادقِ، الثابتِ والمحبِّ لنا، والذي به أصبح بإمكاننا أن نعيشَ بحياتِه المتجسّدة بأعماقنا.
 هو فعلُ تجسّدٍ ينبعُ من ذاتِ قلبِ الله، ويُدفقُ في قلبِ كلِّ واحدٍ منّا الحامل فيه صورتَه ومثالَه، صورةَ حبِّه اللاّمحدود، الذي يدعونا دومًا إلى الشركةِ الحقيقيّةِ في كمالِ حياته. هو فيضُ حبِّ الله لإنسانٍ أمعنَ في رفضِه لهذا الحبِّ العظيمِ على مرِّ التاريخ. غير أنّ الله، وهو الحبُّ اللاّمتناهي، أرسلَ إلينا ابنَه الوحيد ليُدخلنا في عمقِ حياتِه الإلهيّة.
 إنّ الربَ يسوع في هذا العيد، ينادي كلَّ واحدٍ منّا فردًا فردًا، أكثرَ من أيِّ وقتٍ مضى، حتّى نرجعَ إلى ذواتِنا ونفحصَ ضميرَنا بعمقٍ، لكي نغوص إلى عمقِ حياتِه التي أصبحت بالتجسّدِ في عمقِ حياتنا.
 يسوعُ يريدُ أن نحبَّه كما أحبّنا ونثق به، وأن نسمحَ له أن يدخلَ إلى أعماقِ قلوبِنا، ونتجاوب مع دعوةِ حبِّه لنا بحبٍّ متجسّدٍ مُعاش. فما هو جوابنا إذًا عن الدعوةِ للحبّ؟ هل هو الرفضُ، اللاّمبالاةُ أم العيش بالخطيئةِ والأنانيّةِ، والمخالفاتِ والشهواتِ، والحقدِ، والبغضِ والانقساماتِ، والتشرزم؟ كلُّ هذه الأمور نتيجتُها الدمار والفراغ الداخلي وعدم السلام الحقيقي، فَنصلُ أخيرًا إلى هلاكِ نفوسنا.
 إنّ عالمَنا اليوم، أصبح عالمَ المادةِ والضجيجِ وموتِ الضميرِ والقيمِ، عالمًا لا يعرفُ ما هو السلامُ الداخليُّ الحقيقيّ. ألربُّ يسوع هو وحدُه القادر أن يزرعَ دروبَ حياتِنا فرحًا وسلامًا وأمانًا، بالرغم من كلِّ الصعوباتِ والمعاكساتِ وخيباتِ الأمل التي قد يواجهُها كلُّ واحدٍ منّا. هو الفرحُ الداخليُّ الحقيقيُّ الثابتُ النابعُ من قلبِه، وهذا الفرحُ السماويُّ تحقَّقَ فينا بقوّةِ تجسّدِه، فأصبحتِ السماءُ كلُّها قريبةً منّا جدًّا لا بل في أعماقِ قلوبِنا؟ فهل لحياتِنا معنًى بدونِ هذا الإلهِ المتأنّسِ الذي أحبّّنا كلَّ الحبِّ؟.
فيا إخوتي، حبّذا لو استقبلنا عيدَ ميلادِ الربِّ يسوع هذه السنة بإيمانٍ عميقٍ ومحبّةٍ صادقةٍ، بخطوةٍ إلى الداخل، صادرة من القلب. فيا ليتنا نتعمّق مسيحيًّا أكثر في هذا العيدِ العظيم، بغَوصِنا إلى عمقِ الحياةِ والقداسةِ، ولا نتوقّّف فقط عند الزينةِ والزياراتِ والواجباتِ وبالأخصِّ الانشغالات والانشغالات.
في هذا الصددِ يقولُ البابا....: "إنّ البشريةَ مشغولةٌ كثيرًا بذاتها، وتحتاجُ لكلِّ الوقتِ ولكلِّ المكانِ بطريقةٍ متطلّبةٍ من أجل شؤونها ولذا لا يبقى أيُّ شيءٍ إلاّّ لذاتها، وليس لها المكان لتستقبل الله". يتابعُ  ويقول: "هل لديّ الوقتُ أو المكانُ لله؟ هل
يستطيعُ الدخولَ إلى حياتِنا، بأعمالنا؟ هل لديّ الوقتُ للقريبِ الذي يحتاجُ إلى كلمةٍ حلوةٍ، إلى غفرانٍ، إلى مساعدةٍ، إلى أن أزرعَ الفرحَ في قلبِه بطريقةٍ ما؟".
إنطلاقًا من كلمةِ البابا، نحن نحتفلُ اليومَ بعيدِ الميلاد. فهل سيمُرُّ هذا العيد ويبقى على صعيد الذاكرة فقط، ولم نتغيّرْ من الداخلِ ولو بخطوةٍ تعبّرُ عن محبّتِنا للربِّ؟. وننسى نوعًا ما مَن هو صاحبُ العيدِ أي يسوع الرب؟ وليس فقط الهدايا .... فصاحبُ العيدِ هو يسوعُ الطفلُ القدوس النقيّ المحبّ. فمِنَ المهمّ جدًّا نحن المسيحيون، نحن الّذين ننتمي إليه، أن نسعى إلى البراءةِ والنقاوةِ وصفاءِ القلب مدى الحياة، وأن نقتربَ من الربِّ الصالحِ الذي يشعُّ من قلبِه الوداعةُ والمحبّةُ العميقةُ والسلامُ. إنه "أصفى من قلب الأطفال". هذا القلبُ الذي يُدفقُ الحياةَ، يريدُ أن يملأ قلوبَنا من ذاتِه ويضمَّنا إليه بحبٍّ كبير. فلنقتربْ منه، ولنُسرعْ إليه.
ألمطلوبُ منّا أيضًا أن ننحنيَ على مثالِ العذراء مريم ومار يوسف ومار شربل أمامَ عظمة حبِّ اللهِ المتجسّدة، ننحني أمامَ عظمتِه التي تحوي كلَّ القداسة. وأيضًا، مثلما انحنى علينا بفعلِ تواضعٍ عجيب وقبِلَنا كما نحن ولا يرى فينا إلاّ حبّه وغفرانه، كذلك الأمر يجب علينا أن ننحنيَ لبعضنا ونقبلَ ضعفَ بعضِنا ونسامحَ هفوات بعضِنا البعض.
وأخيرًا، إنّه الحبُّ الساكنُ بأعماقِ قلوبِنا بحبٍّ عجيب، ومن داخلنا يفيضُ بالحياةِ الأبدية. إنّه سلامُنا وفرحُنا وغايتُنا وخلاصُنا، إنّه ميلادُ الربِّ يسوع على أرضِنا، وبعمقِ ذواتِنا، فلنشكرْه ولنعتصمْ به، آمين.
                                                                                                                                 ميلاد مجيد

Saturday, December 24, 2011

إنجيل القدّيس يوحنّا .50-48:12

قالَ الرَبُّ يَسُوع: «مَنْ يَرْذُلُنِي، ولا يَقْبَلُ أَقْوَالِي، فَلَهُ دَيَّانُهُ: أَلْكَلِمَةُ الَّتِي قُلْتُهَا هِيَ تَدِينُهُ في اليَوْمِ الأَخير؛
لأَنِّي مَا تَكَلَّمْتُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي، بَلِ الآبُ الَّذي أَرْسَلَنِي هُوَ أَوْصَانِي بِمَا أَقُولُ وَبِمَا أَتَكَلَّم.
وأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ وَصِيَّتَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّة. ومَا أَتَكَلَّمُ بِهِ، فَكَمَا قَالَ لِيَ الآبُ، هكَذَا أَنَا أَتَكَلَّم».

Friday, December 23, 2011

إنجيل القدّيس يوحنّا .47-44:12

قَالَ الرَبُّ يَسُوع: «مَنْ يُؤْمِنُ بِي فَمَا بِي يُؤْمِن، بَلْ بِمَنْ أَرْسَلَنِي.
ومَنْ يَرَانِي يَرَى مَنْ أَرْسَلَنِي.
أَنَا جِئْتُ نُورًا إِلى العَالَم، لِكَي لا يَبْقَى في الظَّلامِ كُلُّ مُؤْمِنٍ بِي.
فَمَنْ سَمِعَ أَقْوَالِي ولَمْ يَحْفَظْهَا، فَأَنَا لا أَدِينُهُ، لأَنِّي مَا جِئْتُ لأَدِينَ العَالَم، بَلْ لأُخَلِّصَ العَالَم.

Thursday, December 22, 2011

إنجيل القدّيس يوحنّا .30-25:8

قالَ اليَهُودُ لِيَسُوع: «أَنْتَ، مَنْ أَنْت؟». قَالَ لَهُم يَسُوع: «أَنَا هُوَ مَا أَقُولُهُ لَكُم مُنْذُ البَدء.
لِي كَلامٌ كَثِيرٌ أَقُولُهُ فِيكُم وأَدِينُكُم. لكِنَّ الَّذي أَرْسَلَنِي صَادِق. ومَا سَمِعْتُهُ أَنَا مِنْهُ، فَهذَا أَقُولُهُ لِلْعَالَم».
ولَمْ يَعْرِفُوا أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُهُم عَنِ الآب.
ثُمَّ قَالَ لَهُم يَسُوع: «عِنْدَمَا تَرْفَعُونَ ٱبْنَ الإِنْسَان، تَعْرِفُونَ حِينَئِذٍ أَنِّي أَنَا هُوَ، وَأَنِّي لا أَعْمَلُ شَيْئًا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي، بَلْ كَمَا عَلَّمَنِي الآبُ أَتَكَلَّم.
والَّذي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي، ومَا تَرَكَنِي وَحْدِي، لأَنِّي أَعْمَلُ دَومًا مَا يُرْضِيه».
وفيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا، آمَنَ بِهِ كَثِيرُون.

Wednesday, December 21, 2011

إنجيل القدّيس يوحنّا .24-21:8

قالَ الرَبُّ يَسُوع (للكتبة والفرّيسيّين): «أَنَا أَمْضِي، وتَطْلُبُونِي وتَمُوتُونَ في خَطِيئَتِكُم. حَيْثُ أَنَا أَمْضِي لا تَقْدِرُونَ أَنْتُم أَنْ تَأْتُوا».
فَأَخَذَ اليَهُودُ يَقُولُون: «أَتُراهُ يَقْتُلُ نَفْسَهُ؟ فَإِنَّهُ يَقُول: حَيْثُ أَنَا أَمْضِي لا تَقْدِرُونَ أَنْتُم أَنْ تَأْتُوا!».
ثُمَّ قَالَ لَهُم: «أَنْتُم مِنْ أَسْفَل، وأَنَا مِنْ فَوْق. أَنْتُم مِنْ هذَا العَالَم، وأَنَا لَسْتُ مِنْ هذَا العَالَم.
لِذلِكَ قُلْتُ لَكُم: سَتَمُوتُونَ في خَطَايَاكُم. أَجَل، إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُوا فِي خَطَايَاكُم».

Tuesday, December 20, 2011

إنجيل القدّيس يوحنّا .30-23:12

قالَ الرَبُّ يَسُوع: «لَقَدْ حَانَتِ السَّاعَةُ لِكَي يُمَجَّدَ ٱبْنُ الإِنْسَان.
أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: إِنَّ حَبَّةَ الحِنْطَة، إِنْ لَمْ تَقَعْ في الأَرضِ وتَمُتْ، تَبْقَى وَاحِدَة. وإِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِير.
مَنْ يُحِبُّ نَفْسَهُ يَفْقِدُهَا، ومَنْ يُبْغِضُهَا في هذَا العَالَمِ يَحْفَظُهَا لِحَيَاةٍ أَبَدِيَّة.
مَنْ يَخْدُمْنِي فَلْيَتْبَعْنِي. وحَيْثُ أَكُونُ أَنَا، فَهُنَاكَ يَكُونُ أَيْضًا خَادِمِي. مَنْ يَخْدُمْنِي يُكَرِّمْهُ الآب.
نَفْسِي الآنَ مُضْطَرِبَة، فَمَاذَا أَقُول؟ يَا أَبَتِ، نَجِّنِي مِنْ هذِهِ السَّاعَة؟ ولكِنْ مِنْ أَجْلِ هذَا بَلَغْتُ إِلى هذِهِ السَّاعَة!
يَا أَبَتِ، مَجِّدِ ٱسْمَكَ». فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ يَقُول: «قَدْ مَجَّدْتُ، وسَأُمَجِّد».
وسَمِعَ الجَمْعُ الحَاضِرُ فَقَالُوا: «إِنَّهُ رَعد». وقَالَ آخَرُون: «إِنَّ مَلاكًا خَاطَبَهُ».
أَجَابَ يَسُوعُ وقَال: «مَا كَانَ هذَا الصَّوْتُ مِنْ أَجْلِي، بَلْ مِنْ أَجْلِكُم.

Monday, December 19, 2011

إنجيل القدّيس يوحنّا .11-1:8

مَضَى يَسُوعُ  إِلى جَبَلِ الزَّيْتُون.
وعِنْدَ الفَجْر، عَادَ إِلى الهَيْكَل. وكَانَ الشَّعْبُ كُلُّهُ يَأْتِي إِلَيْه، فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُم.
وأَتَاهُ الكَتَبَةُ والفَرِّيسِيُّونَ بِٱمْرَأَةٍ أُمْسِكَتْ وهِي تَزْنِي، وأَقَامُوهَا في الوَسَط،
وقَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّم، هذِهِ المَرْأَةُ أُمْسِكَتْ فِي زِنًى مَشْهُود.
وفِي التَّوْرَاة، أَوْصَانَا مُوسَى بِرَجْمِ أَمْثَالِهَا. وأَنْتَ، فَمَاذَا تَقُول؟».
قَالُوا هذَا لِيُجَرِّبُوه، فَيَكُونَ لَهُم مَا يَشْكُونَهُ بِهِ. أَمَّا يَسُوعُ فَأَكَبَّ يَخُطُّ بِإِصْبَعِهِ على الأَرْض.
ولَمَّا ٱسْتَمَرُّوا يَسْأَلُونَهُ، وَقَفَ وقَالَ لَهُم: «مَنْ هُوَ فِيكُم بِلا خَطِيئَة، فَلْيَبْدَأْ ويَرْمِهَا بِحَجَر!».
ثُمَّ أَكَبَّ وعَادَ يَخُطُّ عَلى الأَرْض.
ولَمَّا سَمِعُوا، بَدَأُوا يَخْرُجُونَ وَاحِدًا فَوَاحِدًا، وكِبَارُ السِّنِّ أَوَّلاً. وبَقِيَ يَسُوعُ وَحْدَهُ، والمَرْأَةُ قَائِمَةٌ في الوَسَط.
فَوَقَفَ يَسُوعُ وقَالَ لَهَا: «يَا ٱمْرَأَة، أَيْنَ هُم؟ أَمَا دَانَكِ أَحَد؟».
قَالَتْ: «لا أَحَد، يَا سَيِّد». فَقَالَ لَهَا يَسُوع: «ولا أَنَا أَدِينُكِ. إِذْهَبِي، ولا تَعُودِي تَخْطَإينَ بَعْدَ الآن».

Sunday, December 18, 2011

نسب يسوع


1 كتاب ميلاد يسوع المسيح، إبن داود، إبن إبراهيم:
2 إبراهيم وَلَدَ غسحق، إسحق ولدَ يعقوب، يعقوب ولدَ يهوذا وإخوته،
3 يهوذا ولد فارص وزارَح من تامار، فارص ولدَ حصرون، حصرون ولدَ آرام،
4 آرام ولدَ عميناداب، عميناداب ولدَ نحشون، نحشون ولدَ سلمون،
5 سلمون ولدَ بوعَزَ من راحاب، بوعَزَ ولدَ عوبيدَ من راعوت، عربيدُ ولدَ يسَّى،
6 يسَّى ولدَ داود الملك. داودَ ولدَ سُليمان من امرأة أوريّا،
7 سُليمان ولَدَ رحْبَعام، رحبعام ولَدَ أبيّا، ابيّا ولدَ آسا،
8 آسا وَلَدَ يوشافاط، يوشافاط وَلَدَ يورام، يورام وَلَدَ عوزيّا،
9 عوزيّا ولَدَ يوتام، يوتام ولَدَ آحاز، آحاز ولَدَ حزقيَّا،
10 حِزقيّا ولدَ مَنسّى، مَنسّى ولدَ آمونن آمون ولَدَ يوشيّا،
11 يوشيّا ولدَ يوكنيّا وإخوته، وكان السبيُ إلى بابل.
12 بعد السّبي إلى بابل، يوكنيّا ولدَ شألتيئيل، شألتيئيل وَلدَ زُربّابل،
13 زُربّابل ولدَ أبيهود، أبيهود ولَدَ إلياقيم، إلياقيم ولَدَ عازور،
14 عازور ولَدَ صادوق، صادوق ولَدَ آخيم، آخيم ولدَ إليهود،
15 إليهود ولَدَ إليعازر، إليعازر ولدَ متّان، متّان ولدَ يعقوب،
16 يعقوب ولدَ يوسف رجُل مريم، التي منها وُلِد يسوع، وهو الذي يُدعى المسيح.
17 فجميع الأجيال من إبراهيم إلى داود أربعة عشر جيلاً، ومن داود إلى سبيَ بابل أربعة عشر جيلاً، ومن سبيَ بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلاً.

متّى 1: 1-17

 تأمّل

    1- نسب يسوع

     افتتح القديس متّى إنجيله بنسب يسوع للإعلان أنّه هو المسيح المنتظر، الّذي يحقّق وعد الخلاص، وفقاً لنبوءات العهد القديم. ولهذا قال:"كتاب تكوين يسوع المسيح ابن داود (المسيح المنتظر)، ابن ابراهيم" (محقّق وعد الخلاص). وأراد أن يكشف أنّ هذا ابن الله هو أيضاً إنسان بطبيعته البشريّة، بل هو موسى الجديد والمعلّم الأوحد للشريعة. أنّه عمّانوئيل، "إلهنا معنا"، الّذي "يبقى معنا طول الأيام إلى انتهاء العالم". يتمثّل متّى الإنجيليّ بوجه الإنسان، كما ظهر ليوحنّا في رؤياه، فيما يتمثّل وجه مرقس بالأسد لأنّه يبدأ إنجيله بنداء يوحنّا المعمدان: "صوت صارخ: في البريّة: أعدّوا طريق الرّبّ"، ولوقا بالعجل لأنّه يبدأ انجيله "بميلاد يسوع في مذود، ويوحنّا بالنسر الطائر لأنّه حلّق في سماء الكلمة:" في البدء كان الكلمة، والكلمة كان لدى الله، والكلمة هو الله".
    نجد في الإنجيل نسبين ليسوع: الأوّل انحداريّ من ابراهيم إلى يوسف رجل مريم الّتي منها ولد يسوع الّذي يدعى المسيح، والثّاني تصاعديّ من يوسف إلى آدم الذّي هو من الله. متّى قصد التّأكيد أنّ يسوع هو المسيح المنتظر من سلالة داود، ومحقّق مواعيد الله الخلاصيّة لابراهيم، كما أعلن الآباء والأنبياء، منذ القديم، واختصرها بولس الرّسول بالقول:" من بولس، عبد المسيح يسوع، الّذي دعي ليكون رسولاً لإنجيل الله الذذي وعد به من قبل، بأنبيائه في الكتب المقدّسة، في شأن ابنه الّذي ولد بحسب الجسد من نسل داود، وجعل بحسب روح القداسة ابن الله بقوّة، إي بالقيامة من بين الأموات، وهو يسوع المسيح ربّنا".
     أما لوقا، الّذي يكمّل رؤية متّى، فيبيّن أنّ يسوع هو آدم الجديد، وأبو كلّ البشريّة المفتداة، ومخلّص جميع البشر، من أي عرق ودين ولون. ويتفرّد لوقا بالحديث عن تسجيل يسوع مع أبيه وأمّه، في الإحصاء الذذي اضطرّ يوسف ومريم الحبلى بيسوع على السّفر من الناصرة إلى مدينة داود للإكتتاب. وفي هذه الأثناء ولد الطفل في بيت لحم وسجّل في أسرة يوسف ومريم: "يسوع بن يوسف الّذي من الناصرة". هذا يعلن بوضوح انتماء يسوع إلى الجنس البشريّ. بين الناس، من سكّان هذا العالم، خاضعاً للشريعة وللمؤسّسات المدنيّة، ولكن مخلّصاً للعالم أيضاً. "وهذا الّذي اكتتب في الإحصاء المسكونيّ مع البشريّة جمعاء، إنّما أراد أن يُحصي الناس أجمعين معه في سفر الأحياء، ويسجّل في السماوات مع القدّيسين كلّ الّذين يؤمنون به، له المجد والقدرة إلى الدهور، آمين"
إنّ نسب يسوع مشاركة وتضامن مع البشريّة بأسرها:
أ- مشاركة في البركات والوعود الإلهيّة الّتي تحقّقت في يسوع المسيح "ابن داود وابراهيم وآدم"، ما جعل كلّ مولود من سلالة البشر "يرث" هذه البركة والوعود الإلهيّة الممنوحة للأجداد.
ب- تضامن حرّ مع كلّ إنسان:" شاركنا في كلّ شيء ما عدا الخطيئة". يتضامن الرّبّ يسوع في الواقع الإنسانيّ لكي يرفع كلّ إنسان إلى البنوّة لله. سيقول القديس امبروسيوس: "تأنّس الله، ليؤلّه الإنسان". وهكذا يجعل أولئك المنتمين إلى جيل آدم أبي البشريّة، وابراهيم أبي المؤمنين، جيلاً مختاراً، جيل المولودين من الله، بالولادة الثانية من الماء والروح.
أمّا مجموعة الأجيال الثلاثة فترمز إلى مسيرة شعب الله نحو المسيح، الّذي هو محور البشريّة والتاريخ. المجموعة الأولى من ابراهيم إلى داود هي مسيرة الإيمان من ابراهيم حتّى تنظيم الملوكيّة مع داود؛ المجموعة الثانية من داود إلى سبيي بابل رمز الخطيئة فالتهجير مع بيتشابع زوجة أوريّا، الّتي بعد أن ضاجعها داود وحبلت منه قتل زوجها، فوبّخ الرّبّ داود على خطيئته بلسان ناتان؛ المجموعة الثالثة من سبي بابل إلى المسيح رمز وعد الله الّذي ما زال قائماً، لأنّ الله صادق في الوعد وأمانته إلى الأبد، حتّى تحقّق الوعد في المسيح.
  2- سرّ الإنسان
   في رسالته إلى العائلات، يتحدّث البابا يوحنّا بولس الثاني عن "نسب الشّخص البشري"، فيؤكّد "أنّ نسب الشّخص مكتوب في بيولوجيّة النسل". علّق على هذا القول الكردينال أنجلو سكولا، عندما كان رئيساً لجامعة اللاتران الحبريّة، في مناسبة المؤتمر الدوليّ ولقاء البابا مع العائلات في روما، بالمداخلة الّتي ألقاها بعنوان:"نسب شخص الابن". وذلك عبر خمس مراحل، يتبيّن من خلالها سرّ الإنسان والعائلة.
   الولد، في الأصل، ثمرة العطاء الّذي يتبادل به الرجل والمرأة ذاتيهما بالحبّ والشركة الزوجيّة. فنعتمد لفظة "زفاف" لأنّها تفترض اختلاف الجنس: ذكر وأنثى- رجل وامرأة، يرتبطان بعهد الحبّ الزوجيّ المعبّر عنه بتبادل الذات كاملة روحاً وجسداً. هذا الحبّ ينبع من شركة الثالوث الإلهيّ القدّوس.
   لكنّ المولود من هبة ذات الوالدين هي هبة من الله. لفظة "إنجاب" في اللاتينيّة تعني تواصل الخلق. ولفظة المنجب تعني المشارك مع الّذي يجري في الأساس عمليّة الخلق، هو الله. وهكذا يكون الوالدان "شاهدين"، من خلال الإنجاب، للخالق وللخلق. في الواقع، لفظة إنجاب في اللغة الألمانيّة من أصل لفظة "شهادة". وسيشهد بولس الرسول باسم كلّ الوالدين بالقول: "إنّي أجثوا على ركبتيّ لأبي ربّنا يسوع المسيح، الّذي منه كلّ أبوّة في السماء والأرض تأخذ اسماً". "إنّ الله حاضر في كلّ أبوّة وأمومة، لأنّه هو الّذي يعطي كلّ مولود "صورته" و"شبهه" الخاصّين بالكائن البشريّ وحده. "فالإنجاب هو تواصل الخلق".
   هذا المولود من والدين بشريين حاملاً صورة الله، هو شخص بشريّ جديد، ليس مجرّد فرد مستنسخ من نوعه، كما يجري في سائر مخلوقات الأرض من حيوان ونبات، بل "هو إنسان جديد يحمل معه إلى العالم صورة الله نفسه وشبهاً خاصاًّ بالله". هذا يعني أنّ في فعل الحبّ الزوجي يتمّ اللقاء بين الأبديّ والزمن، بين الله الّذي ينفخ روحاً من روحه والزوجين اللذين يتبادلان هبة الذات كاملة، وكأنّ الحبّ الزوجيّ هو "الهيكل حيث يحتفل الله بسرّ الحبّ الّذي يخلق". ليس الوالدون أسياد الحياة وأسياد أولادهم، بل الله وحده "سيّد الحياة". وقبل أن يكونوا والدين كانوا مولودين. ولهذا لا يحقّ لهم اللجوء إلى وسائل منع الحمل الإصطناعيّة، ولا إلى الإجهاض، الّذي هو جريمة قتل مثل سائر الحبوب الإجهاضيّة، والحلّ من هذه الخطيئة الجسيمة محفوظ لمطران الأبرشيّة؛ ولا إلى استنساخ الأجنّة. هذا المنع إنّما هو لحماية الحياة وكرامة الأبوّة والأمومة.
   إنّ الولد المولود حاملاً صورة الله، هو حدث حريّة، بمعنى "أنّ الله يريده لذاته"، فيدعوه إلى تحقيق ذاته بكاملها. وإذ يخلقه يزيّنه بالحريّة ليبلغ إلى الإتحاد به. تتميّز الأبوّة والأمومة بحرّيّة مثلّثة: الرغبة الّتي تعطي بداية وجود للولد، والتربية الّتي تساعد على أن يحسن خياراته في الحياة، والتوجيه الّذي يبلغ بالولد إلى مصيره الأخير، اللقاء بالله من خلال السهر والمثال الحيّ.
   وأخيراً الشخص المولود يتخطّى والديه، لأنّ ولادته مرتبطة بإرادة الله، من دون إهمال المعطى البيولوجيّ للانطلاقه، الكامن في الفعل الزوجيّ. وبهذه الصفة يسهم في بناء حضارة جديدة، هي حضارة المحبّة والحريّة والأخوّة الشاملة. هذه القرابة الروحيّة والثقافيّة الّتي تتخطّى قرابة اللحم والدم هي شركة الأشخاص.