Sunday, April 22, 2012

على طريق عمّاوس

Copyright Image13 وفي اليوم عينه، كان اثنان منهم ذاهبين إلى قرية تُدعى عِمّاوس، تَبْعُد نحو سبعة أميالٍ عن أورشليم.
14 وكانا يتحادثان بكلّ تلك الأمور التي حدثَتْ.
15 وفيما يتحادثان ويتساءلان، إذا يسوع نفسه قد اقتربَ منهما، وراح يسير معهما.
16 ولكنَّ أعيُنهما أُمسكتْ عن معرفته.
17 أمّا هو فقال لهما: "ما هذا الكلام الذي تتحدّثان به، وأنتما تسيران؟". فوقفا عابسَين.
18 وأجاب أحدهما، واسمه كليوباس، فقال له: "هل أنتَ وحدكَ غريبٌ عن أورشليم، فلا تعلَم ما حدث فيها هذه الأيّام؟".
19 فقال لهما: "وماذا حَدَث؟". فقالا له: "ما يتعلّقُ بيسوع النّاصري، لاذي كان رجلاً نبيًّا قديرًا بالقول والفعل، قُدّام الله والشَّعب كلّه.
20 وكيف أسْلَمه أحبارُنا ورؤساؤنا ليُحكم عليه بالموت، وكيف صلبوه!
21 وكنّا نحنُ نرجو أن يكون هو الذّي سيفدي إسرائيل. ولكن مع هذا كلِّه، فهذا هو اليوم الثالث بعد تلك الأحداث.
22 لكنّ بعض النّساء من جماعتنا أدهَشْنَنا، لأنّهنَّ ذهبنَ إلى القبرعند الفجر،
23 ولم يجِدنَ جسد يسوع، فرجَعْنَ وقُلنَ إنهنَّ شاهَدنَ ملائكة تراءوا لهنَّ وقالوا إنّه حيّ!
24 ومضى قومٌ من الذّين معنا إلى القبر، فوجدوه هكذا كما قالت النّساء، وأمّا يسوع فلم يَرَوه".
25 فقال لهما يسوع: "يا عديمي الفهم، وبطيئي القلب في الإيمان بكلّ ما تكلَّم به الأنبياء!
26 أما كان يجب على المسيح أن يُعاني تلك الآلام، ثم يدخل في مجده؟".
27 وفسَّر لهما ما يتعلَّق به في كلّ الكتب المقدّسة، مُبتدئًا بموسى وجميع الأنبياء.
28 واقتربا من القرية التي كانا ذاهبَيْن إليهمان فتظاهر يسوع بأنّه ذاهبٌ إلى مكانٍ أبعد.
29 فتمسَّكا به قائلين: " أُمكث معنا، فقد حان المساء، ومال النّهار". فدخل ليمكث معمها.
30 وفيما كان مُتّكاً معهما، أخذ الخُبز، وبارك، وكسر، وناولهما.
31 فانفتحتْ أعيُنهما، وعرفاه، فإذا هو قد توارى عنهما.
32 فقالا أحدهما للآخر: أمَا كان قلبنا مُضطرمًا فينا، حين كان يُكلّمنا في الطريق، ويشرح لنا الكُتُب؟".
33 وقاما في تلك السّاعة عينها، ورجعا إلى أورشليم، فوجدا الأحدَ عشرَ والذّين معهم مجتمعين،
34 وهم يقولون: "حقًّا إنّ الربّ قام، وتراءى لسمعان!".
35 أمّا هما فكانا يُخبران بما حَدَث في الطريق، وكيف عرفا يسوع عند كَسْر الخُبز.

لو 24: 13- 35 


تأمّل:
لا شكّ في أنّ رواية لقاء يسوع مع تلميذي عمّاوس تصلح لأن تكون أمثولة روحيّة لكلّ مؤمن. ففيها معانٍ تشتدّ روعتها، وتعني حياة كلّ منّا وتظهر لنا عمل الله الخلاصي من أجلنا. فلنتأمّل ببعض جوانبها.
1- مفاجآت الله والعودة
في سيرهما الحثيث بعيداً عن موطن الآمال، أطلّ الأمل ولكنّهما لم يعرفاه. أطلّ ابن الله ورافقهما في مسيرتهما. ربّما توقّعا أموراً كثيرة، ولكنّ مرافقة الربّ لهما أمر لم يتوقّعاه. بعد أن أخبراه كلّ ما في قلبيهما، وبعد أن شرح لهما الكتب، وبعد أن استضافاه، وبعد أن احتفل معهما بالافخارستيا، عرفاه، وعرفا أنّ الحقّ فيه وفي كلّ ما عمله وعلّمه.
هذا هو موقف المؤمن الحقيقي. على الرغم من كلّ ضياعه وإحباطه لفترة، يعود فيكتشف أنّ الربّ معه، أنّه يرافقه في مسيرته الحياتيّة، أنّه يعطيه أكثر بكثير ممّا يتوقّع، وأنّه يلاقيه في الكنيسة وفي أسرارها. حينها يعود المؤمن إلى الآمال. يعود المؤمن فيتذكّر كلام يسوع لتلميذي عمّاوس، أنّ الصليب هو في مخطّط الله الخلاصي، فكان يجب أن يتألّم المسيح. يعلم المؤمن حينها أنّ الصليب حقيقة لا يمكن تجاهلها وأنّه، أي الصليب، سوف يظلّ صليباً عليه يتألّم الإنسان، ولكنّه يعلم الآن أنّ الصليب ذاته ممزوج بالقيامة، وأنّ الله أبطل مفعول الألم القاتل وجعل الصليب، من خلال الألم، سبيلاً إلى الحياة.
2- الكتب المقدّسة والافخارستيا
وإن تخيّلنا تصرّف تلميذي عمّاوس بعد ما حدث معهما على الطريق، نستطيع رؤيتهما يهرولان، بعد أن التقيا الرسل، إلى تصفّح الكتاب المقدّس وإلى المواظبة بغير كلل على الإفخارستيّا. يعرفان جيّدًا أنّ هناك يكمن فرحهما لأنّهما هناك يلاقيان رفيق الدرب، يلاقيان يسوع. فرواية عمّاوس تدلّ أين يكمن لقاء الربّ وفهمه: في الكتب المقدّسة، وفي الكنيسة، وفي الأسرار.
خاتـمة:
فلنسأل الله أن يبقي قلوبنا مضطرمة فينا، ولنعد دائمًا إلى الكتب المقدّسة وإلى الكنيسة وأسرارها. هذا هو الأمر الأهمّ. فإن أحبطنا أمر محزن لبعض الوقت، تذكّرنا أنّ الصليب في تصميم الله الخلاصيّ، وأنّ الربّ دومًا معنا، في مسيرة الحياة، في يوميّاتها. نحن نعلم، أنّ حياة الإنسان تتواصل في بساطتها وفي يوميّاتها، في رفقة القائم من القبر، أسراريًّا، مع كلّ ما تحمل الحياة من مفاجآت ومن تضاربات ومن أمور غير متوقّعة.
حينها يطلّ رفيق الدرب، يطلّ يسوع ويستفيض شرحًا يريد من خلاله أن يعطينا الخلاص والحياة. حينها نكتشف أنّ آمالنا ثابتة وأنّه أمين لوعوده وأنّه فيّاض محبّة تجاهنا.
شكرًا تلميذي عمّاوس لِما علََّمتمانا. الشكر خصوصاً لك يا يسوع لأنّك سلكت الدرب معهما وتسلكها معنا دومًا.