Sunday, September 16, 2012

طلب ابنَي زبدى

35 ودنا منه يعقوب ويوحنا، ابنا زبدى، وقالا له: "يا معلّم، نريد أن تصنع لنا كلَّ ما نسألك".Copyright Image
36 فقال لهما: "ماذا تريدان أن أصنع لكما؟"
37 قالا له: "أعطنا أن نجلس في مجدِك، واحدٌ عن يمينك، وواحدٌ عن يساركَ".
38 فقال لهما يسوع: "إنّكما لا تعلمان ما تطلبان: هل تستطيعانِ أن تشربا الكأسَ التي أشربها أنا؟ أو أن تتعمّدا بالمعموديةِ التي أتعمّدُ بها أنا؟".
39 قالا له: "نستطيع". فقال لهما يسوع: الكأسُ التي أنا أشربها ستشربانها، والمعموديةُ التي أنا أتعمّدُ بها ستتعمّدان بها.
40 أمّا الجلوسُ عن يميني أو عن يساري، فليسَ لي أن امنحَهُ إلاّ للّذين أُعِدَّ لهم".
41 ولمّا سمع العشرة الآخرون، بدأوا يغتاظون من يعقوب ويوحنا.
42 فدعاهم يسوع إليه وقال لهم:" تعلمون أنّ الذين يُعتَبرون رؤساء الأُممِ يسودونَهم، وعظماءهم يتسلّطون عليهم.
43 أمّا أنتم فليس الأمر بينكم هكذا، بل من أراد أن يكون فيكم عظيماً، فليكن لكم خادماً.
44 ومن أراد أن يكون الأول بينكم، فليكن عبداً  للجميع         
45 لأنّ ابن الإنسانِ أيضاً لم يأتِ ليُخدَم، بل ليَخدُم، ويبذلَ نفسَه فداءً عن كثيرين".


 مر10: 35-45 


تـأمّل
في الأناجيل الأربعة، كان يسوع يعلن مرارًا أمام تلاميذه عن سرّ آلامه وموته ويربطهما بقيامته ومجده عن يمين الآب. وفي إنجيل اليوم، نرى تلميذين: يعقوب ويوحنّا إبنا زبدى، يطلبان الجلوسَ في المجد مع يسوع دون ذكر آلامِه وموتِه. "فذكّرهما يسوع بأنّ ثمنَ المجدِ هو أوّلاً كأس العذاب والألم".
بعد ثلاث سنوات من التعليم والتبشير وسماع كلام يسوع عن التجرّد وحمل الصليب وعن زوال السلطان والمجد، لا يزال الرسلُ بعيدين عن فَهم نهجِ الخلاصِ وفهمِ الملكوتِ، وبعيدين عن تعليم المسيح وحياتِه المتواضعة والفقيرة، هذا بالرغم من تجليّات الربّ الوافرة لهم على جميع الأصعدة. لم يغضب يسوع من طلب التلميذين بل أجابهما بهدوء وبتواضع، فكشف لهما مجدّدًا عن سرّ موته وآلامه. يبقى دائمًا جوابُ الله على تساؤلات الإنسان مكسوًّا بالرحمة والحنان والمسامحة.
أوّل شرط للمجد هو الألم: سمة الإنجيل في كلّ صفحة من صفحاته أنّه يتكلّم دائمًا عن الألم ومعناه العميق للخلاص. الألم هو شرط اتّباع يسوع والتَّتَلمُذ له وهو شرط لدخول المجد. هناك تدرّجٌ في سلّم الوصول إلى الله وقمّة الفضائل والحياة مع الله، وذلك عن طريق قبول آلام هذه الحياة وعدم رفضها أو التغاضي عنها. فطالما كلُّ واحدٍ منّا ممكن أن يتألّم في هذه الحياة، لأنّ طبيعتنا ضعيفة، فلماذا نرفض هذا الألم ولا نقدّمه للمسيح ؟ وبالتأكيد سنختبره يومًا ما. فكما أنّ المسيح شرب كأس العذاب، كذلك على كلّ مسيحيّ أن يسلك الطريق نفسه، أي أن يتقبّل أصغر صعوباته اليوميّة محبّةً بالرب يسوع. هذا هو ميزان حياة الإنسان على الأرض، وهذا هو مقياس المجد في السماء.
يا إخوتي، فلنتحمّل في هذه الحياة ما يأتينا من صعوبات ومعاكسات على جميع الأصعدة فنقدّمها حبًّا بالمسيح على مثال جميع القدّيسين ومنهم مار شربل الذي قضى حياته "يتلاشى ويذوب" بالحبّ أمام المصلوب الذي أحبّه وبذل نفسه عنه. فليكن هذا القدّيس مثالنا بحمل صليبنا اليومي بفرح واستسلام عميق لله، آمين.