Sunday, February 5, 2012

أحد الأبرار والصدّيقين


31  ومتى جاءَ ابنُ الإنسان في مجدهِ، وجميع الملائكة معهُ، يجلسُ على عرش مجده.
32  وتُجمَع لديه جميع الأمم، فيُميّز بعضهم من بعض، كما يُميّز الرّاعي الخِراف من الجداء.
33   ويُقيم الخِراف عن يمينه والجداء عن شماله.
34  حينئذٍ يقول الملكُ للذّين عن يمينه: تعالَوا، يا مُباركي أبي،
      رِثوا الملكوت المُعدَّ لكم منذ إنشاء العالم؛
35  لأنّي جُعتُ فأطعمتموني، وعطشتُ فسقيتموني، وكنتُ
      غريبًا فآويتموني،
36  وعُريانًا فكسوتموني، ومريضًا فزرتموني، ومحبوسًا فأتيتُم
      إليَّ.
37  حينئذٍ يُجيبُهُ الأبرار قائلين: يا ربّ، متى رأيناكَ جائعًا
      فأطعمناك، أو عطشانَ فسقيناك؟
38  ومتى رأيناكَ غريبًا فآويناك، أو عُريانًا فكَسَوناك؟
39  ومتى رأيناك مريضًا أو محبوسًا فأتينا إليك؟
40 فيُجيبُ الملكُ ويقول لهم: "ألحقّ أقول لكم: كلّ ما عَمِلتُموهُ
     لأحد إخوتي هؤلاء الصِّغار، فليَ عَمِلتموه!
41 ثم يقول للذّين عن شِماله: إذهبوا عنِّي، يا ملاعين، إلى النّار  الأبديّة المُعدّة لإبليس وجنوده؛
42 لأنّي جُعتُ فمَا أطعمتموني، وعطشتُ فما سقيتموني،
43 وكنتُ غريبًا فما آويتموني، وعُريانًا فما كَسَوتموني، ومريضًا ومحبوسًا فما زرتموني!
44  حينئذٍ يُجيبُهُ هؤلاء أيضًا قائلين: يا ربّ، متى رأيناك جائعًا أو عطشانَ أو غريبًا أو مريضًا أو محبوسًا وما خدَمناك؟
45  حينئذٍ يُجيبهم قائلاً: الحقَّ أقول لكم: كلّ ما تعملوه لأحد هؤلاء الصِّغار، فلي لم تعملوه.
46   ويذهب هؤلاء إلى العذاب الأبديّ، والأبرار إلى الحياة الأبديّة".

متى 25: 31-46

تأمّل:
  
أحد الأبرار والصّدّيقين هو "عيد جميع القدّيسين"، حسب التّقليد المارونيّ القديم. فهم الشّهود الحقيقيّون لحقيقة وجود الله وحبّه لنا، بالعيش والمثل أكثر منه من الكلام. قدّموا ذواتهم ذبيحةً ليسطع نور المسيح في العالم. "له أن ينمو ولهم أن ينقصوا".فأصبحوا شفعاء لنا لدى الآب السّماويّ.والابن الوحيد والرّوح القدس. الثّالوث الأقدس الدّيان يوم الدّينونة بالعدل الإلٰهي.
فإذا تأملنا جيّدًا في نصّي الرّسالة والإنجيل نلاحظ بوضوح تام الفكرة الرّئيسيّة وهي فكرة الدّينونة ومصير كلّ منّا حسب سلوكه، وتطبيقه قواعد الحياة المسيحيّة. فالرّبّ هو فاحص القلوب والكلى. يَعلم ضُعفنا ومَحبّتنا له، وهو الرّاعي والرّاعي يُميّز الخراف من الجداء وهٰذا حقٌّ مشروعٌ له. همّه كرامة الإنسان لذا شدّد في هٰذا النّصّ على أعمال الرّحمة المتجلّية في إطعام الجائع، إرواء العطشان، إيواء الغريب، إكساء العريان، ٱفتقاد المريض والسّجين. وفي مكان آخر قال: "أريد رحمةً لا ذبيحة".
أعمال الرّحمة هٰذه هي الميزان للدّينونة الأخيرة. فبقدر ما نمارسها تجاه المحتاجين والتّعساء بخاصّة بطريقة خفيّة "لا تعلم شمالك ما تصنعه يمينك" بقدر ما ننال الحياة الأبديّة بعد أن نسمع صوت الرّبّ قائلًا: "تعالوا، يا مباركي أبي، رثوا الملكوت المعدّ لكم منذ إنشاء العالم".
أمّا من يرفض هٰذه الأعمال ولا يمارسها فإنّه قد حكم على ذاته مُسبقًا بأنّه ملعون ويذهب إلى العذاب الأبديّ.
أخي المؤمن لا طريقة ثالثة لهٰذه المعادلة. كن يقظًا وٱربح الملكوت وتذكّر ما قاله معلّم القدّيسين القدّيس نعمة الله الحرديني "الشّاطر يلي بيخلّص نفسو". فليكن هٰذا الشّعار طريق خلاصٍ وقداسةٍ لك كما كان للقدّيس شربل، الّذي أصبح اليوم الطّبيبَ الشّافي والملجأ لكلّ مُحتاجٍ نفسًا وجسدًا. تبارك الرّبّ بأبراره وقدّيسيه ومؤمنيه السّاعين دومًا لمجد الآب والأبن والرّوح القدس.