الروح البرقليط 15 إنّ تحبّوني تحفظوا وصاياي. 16 وأنا أسال الآب فيُعطيكم برقليطًا آخر مؤيّدًا يكون معكم إلى الأبد. 17 هو روح الحقّ الذّي لا يقدر العالم أن يقبلهُ، لأنّه لا يراه، ولا يعرفهُ. أمّا أنتم فتعرفونه، لأنّه مقيمٌ عندكم، وهو فيكم.
الآب والابن 18 لن أتركَكُم يتامى. إنّي آتي إليكم. 19 عمّا قليلٍ لن يراني العالم، أمّا أنتم فترَونني، لأنّي أنا حيٌّ وأنتم ستحيَون. 20 في ذلك اليوم تعروفون أنّي أنا في أبي، وأنتم فيَّ، وأنا فيكم.
يو 14: 15-20
تأمّليخبرنا
القديس لوقا، بأعمال الرسل، كيف أنّ التلاميذ، عند حلول الروح القدس،
أخذوا ينطقون بلغات كثيرة، ويتواصلون مع باقي الشعوب؛ أي أخذ كلّ مَن كان
حاضرًا، يفهم ما كان يقوله أشخاص أميّون، فقراء، عن يسوع الناصري، بالرّغم
من تعدّد لغاتهم. وبالتالي إنّ حدث العنصرة، هو تحقيق للوحدة الروحية بين
اليهود والمهتدين من كافة الشعوب، وذلك بفضل الروح القدس، وهذا هو معنى هذا
الحدث, فروح الله يجمع ولا يفرِّق, وكلّ خلاف أو تفرقة ليس من روح الله بل
من روح العالم.
ولكن كيف السبيل إلى روح الله؟ ما نستخلصه من هذا المشهد هو التالي: إنّ
الروح القدس ليس حكرًا على فئة معيّنة من الناس، بل هو بمتناول الجيمع،
والدليل على ذلك هو جهل التلاميذ. فقد كانوا صيادي سمك، أميّين. فإن كان
الأميّ قد حصل على موهبة الروح القدس، فمن السهل أن ينالها كلّ إنسان. صيّادو
السمك فقراء لا يملكون سوى سواعدهم وشباكهم مع زوارقهم، حتّى السّمك لا
يملكونه. وبالتالي فهو ليس حكرًا على غنيّ، ولكن شَرْط أن نمتلك الإيمان،
وهذا ما تحلى به التلاميذ، فالإيمان بيسوع المسيح ابن الله الحي، المائت
والقائم، هو الطريق الوحيد للخلاص ولعيش روح الله.
هناك أحداث
كثيرة نجدها في أعمال الرسل، يخبرنا فيها القديس لوقا عن حلول الروح نتيحة
الإيمان، كما حدث في بيت كورنيليوس، ولكنّ حلول الروح يوجب علينا إفساح
المجال له؛ إذ إنّنا لا نستطيع ملء إناء ما، بسائل، إن لم يكن هذا الإناء
أصلاً فارغًا، وإلاّ يتوجّب علينا إفراغه أوّلاً.
وهكذا نحن، إن لم
نفرغ ذواتنا، لن يتمكّن الروح القدس من الحلول فينا. يجب أن نبدأ بإفراغ
ذواتنا من ذواتنا، وذلك بالتواضع ونكران الذات، وهذا ما فعله الرسل. هذا
التواضع نراه في مثل الفريسي والعشار: إذ إنّ هذا الأخير، لم يجرؤ على
النظر إلى الله بل وقف خافض الرأس. ملتمسًا الرحمة والغفران من الله، بخلاف
الفريسي. ويقول لنا النصّ إنّ العشّار ذهب إلى بيته مبرورًا، أي إنّه نال
رضى الله، وما حلول الروح القدس إلاّ علامة رضى الله، "هذا هو ابني الحبيب
الذي عنه رضيت". إذا كنت تبغي التواصل السليم مع الآخر، ما عليك إلاّ أن
تفسح المجال لحلول الروح القدس، فكلّ خلاف هو سوء تواصل في أساسه. تواضع
يا أخي، آمن بالرب يسوع، قدّم له ذاتك وحياتك، تنال الروح القدس، وحينئذ
ستفاجأ بالنتيجة لأنّ الله كريمٌ. |
|
|
|
|